كلّ عامٍ و العالم أجمع بخير ، تزدان أيامنا هذه بالتكبيرات المستمرة ، و بفرحتنا استقبالا لعيد الأضحى المبارك، و الذي حُدّدَ عيداً للمسلمين سنةً عن أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام ، كلنا يعلم قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام مع إبنه إسماعيل و الكبش ، الأكيد أن ما يُستفاد من القصة لا يقتصر على الأضحية في كل عام ، بل إنها حادثة تزخر بالحكم الجوهرية من امتثال لأمر الله عز وجل و من أجمل صور بر الأبناء للوالدين .
خيرة الله لك خيرٌ لك من خيرتك لنفسك ، هذا ما علينا الإعتقاد به فمن خلاله نضمن تأمين شامل على حياتنا و توكيل من الله عز وجل بأنها ستكون أفضل فمن توكل على الله فهو حسبه.
نعيش أيامنا في قلق خشيةً على أنفسنا و على أبنائنا من ما قد تخبئه الحياة لنا ، وننسى أن مدبر هذا الكون هو أرحم الرحمين (لا تخشى دنياك إن الله كافلها).
قال تعالى (و قضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحسانا) ، بر الوالدين أمرر جلل فقد جُعِل من الله مقترنا بعبادته وطاعته ، وآيات بر الوالدين كثيرة في القرآن الكريم إثباتا لأهمية هذا الأمر ، ولعلك تعلم أن من أهم أسباب الرزق والفلاح في الدنيا طاعتك لوالديك وبرك لهم ، كيف لا نبرهم ولا حب كحبهم ، كيف لا نبرهم ولا إهتمام كإهتمامهم ، يُحِبون بلا شروط و يعتنون بلا حدود .
وجود الأم و الأب في حياة الفرد من أكبر نعم الحياة التي يجب أن نكون ممتنين لوجودها ، رزقني الله و إياكم برهم .
حب الآباء للأبناء فطرة ، و لكن حب الأبناء للأباء مكتسب وهذا ما يجعل مسؤولية الوالدين كبيرة ، من الضروري أن يكون الوالدين حذرين في تعاملهم مع أبنائهم ، فهم من أهم أسباب تشكيل شخصيات أفراد المجتمع ، أبناؤك بِناؤك ، و إن زرعت خيرا فإنك بإذن الله ستحصد خيرا وإن تأخر هذا الحصاد ، ولنا في قصة يعقوب عليه السلام مع أبنائه أجمل مثال فهي تعتبر من القصص الملهمة في التربية إذ أحسن تربيتهم وكان الحصاد خيرا بعد أربعين عام ، ومن الضروري على الوالد أن لا يكلف ابنه بما لا يطيق، بأن يطلب منه المثالية في كل الأمور، بل الأجمل أن تتقبل إبنك كما هو مع محاولة إصلاحه إن تتطلب الأمر.
(قيل لأعرابي كيف هو إبنك ؟ فقال : ليس في العلم كما أهوى وليس في الدون كما أخشى)
الحمدلله أن من الله علينا بهذا الدين الذي جعل من رعاة الغنم أصحاب حضارة ، و الذي ترك لنا إرثا أدبيا زاخر بأهم القواعد الأساسية التي و إن اعتمدناها في حياتنا كنا أفضل الأمم .
عيد أضحى مبارك و كل عام و أنتم بخير.