فيما لا يزال فيروس كورونا ينسج أسراراً وألغازاً منذ ظهوره قبل أكثر من سنة ونصف لأول مرة في الصين، ويحير الأطباء والعلماء الذين لا يزالون حتى اليوم عاجزين عن هزيمته، كشفت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية جديداً غريباً.
وذكرت في تقرير نشرته أمس الأحد أن بعض الأشخاص، الذين يعانون من مرض كوفيد طويل الأمد، قد يشعرون بحالة “دوار” شائعة لكنها غير معروفة الأسباب، وإن كانت ترتبط بمشاكل في الأعصاب.
دوار وإغماء
ويعاني 1 من كل 20 مريضاً من أعراض مزمنة لعدوى كورونا، يمكن أن تشمل الخفقان ونوبات الدوار وتصل إلى حد حالات الإغماء، وهي أعراض رئيسية يصاب بها مرضى متلازمة تسارع نبض القلب الوضعي، والتي يشار إليها اختصاراً بـPoTS.
من جهتهم يقول الأطباء حالياً إن التشابه بين الحالتين ربما يعني أن عدوى كوفيد يمكن أن تؤدي إلى إثارة متلازمة PoTS في بعض الحالات.
استهلاك المزيد من الملح
إلى ذلك تتمثل إحدى طرق التعامل مع متلازمة PoTS في استهلاك المزيد من الملح، مثل تناول الفول السوداني أو المكسرات المملحة، ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، ومن ثم يساعد في تخفيف الأعراض.
من جانبه قالت الدكتور ليزلي كافي، وهي طبيبة عامة سابقة وتترأس حالياً مؤسسة PoTS الخيرية في بريطانيا: “نعتقد أن الوباء ربما تسبب في تفشي عدد حالات PoTS، والتي ظهر معاناة البعض منها عقب الإصابة بكوفيد”.
يذكر أنه في ديسمبر، أصدر المعهد الوطني البريطاني للتميز في الرعاية الصحية NICE إرشادات أوصت بالكشف على مرضى كوفيد طويل الأمد بشكل روتيني للتأكد من عدم إصابتهم بمتلازمة PoTS.
غير أن كافي ترى أن هناك قصورا في هذا المجال حيث “يقول بعض المرضى إنهم توصلوا إلى تشخيص حالاتهم من خلال مجموعات الدعم على فيسبوك ومواقع الويب الأخرى”.
الجهاز العصبي اللاإرادي
وتحدث المتلازمة بسبب الأداء غير الطبيعي للجهاز العصبي اللاإرادي، الذي يدير العمليات الجسدية اللاإرادية، مثل تنظيم ضغط الدم ومعدل ضربات القلب عندما تتغير أوضاع الجسم، مثل الانتقال من الاستلقاء إلى الوقوف.
وفي هذه الحركة، يعني تأثير الجاذبية أن هناك انخفاضاً طفيفاً في كمية تدفق الدم إلى الجزء العلوي من الجسم. لكن في معظم الحالات، يقوم الجهاز العصبي بإعادة المعايرة بسرعة، حيث يتم تضييق الأوعية الدموية في الأطراف السفلية ويزداد معدل ضربات القلب قليلاً للحفاظ على استقرار النبض وإمداد الدم للقلب والدماغ.
استخدام الكراسي المتحركة
أما في حالة مرضى PoTS، فإن المعايرة لا تحدث سريعاً. وبالتالي، عندما يكون هناك انخفاض في تدفق الدم إلى الجزء العلوي من الجسم، يبدأ القلب في النبض المتسارع من أجل التعويض، مما يؤدي إلى ظهور أعراض متعددة، من بينها الدوخة الشديدة وحتى الإغماء.
كما يعاني المصابون أيضاً من التعب ويشعرون بـ”ضباب الدماغ”، أو ما يصفه آخرون بشعور بالارتباك.
كذلك يمكن أن تصبح الحالة منهكة، مما يؤثر على القدرة على العمل أو الاستمتاع بالأنشطة اليومية. وينتهي الأمر بالبعض إلى الاعتماد على كرسي متحرك.
متلازمة إهلرز دانلوس
ويعتبر مرضى PoTS أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة التعب المزمن ومتلازمة إيلرز دانلوس أيضاً، وهي مجموعة من المتلازمات الموروثة التي تسبب مرونة شديدة في المفاصل والجلد المرن والهش.
كذلك أضافت كافي: “نعتقد، في بعض الحالات، أن مشاكل الأعصاب التي تسبب المتلازمة تنجم في البداية عن عدوى فيروسية، لذا فإن الصلة بين تزايد أعداد المصابين بالمتلازمة وعدوى كوفيد لم يكن مفاجأة للمتخصصين”.
طريقة التشخيص
ويمكن اختبار الإصابة بمتلازمة PoTS ببساطة عن طريق الطلب من المرضى الاستلقاء لبضع دقائق، ثم الوقوف. ويتم تسجيل معدل ضربات القلب وضغط الدم وأي أعراض على مدى 10 دقائق. فإذا كانت هناك زيادة مطردة في معدل ضربات القلب بأكثر من 30 نبضة في الدقيقة عند البالغين، و40 نبضة في الدقيقة عند الأطفال، يمكن عندئذ النظر في تشخيص PoTS.
كما أوضحت كافي أنه يجب على المصابين بمتلازمة PoTS “المواظبة على شرب كمية كافية من المياه واستهلاك الملح الإضافي في النظام الغذائي، بما يرفع ضغط الدم بشكل طفيف، من أجل المساعدة في تخفيف الأعراض”.
كذلك أكدت أنه يمكن أن يتم ممارسة تمارين تقوية عضلات الساقين أيضاً بهدف تعزيز الدورة الدموية، إلى جانب ما يصفه الأطباء من أدوية لتنظيم معدل ضربات القلب وضغط الدم.