آراء

‏⁧‫#مقالات‬⁩ | سيد هاشم الموسوي: الإبتكار بين الصدارة والإهدار

لا يختلف اثنان على أن مفهومي “التطور” و”التقدم” مستمران باستمرار الشعور في الرغبة والحاجة عند البشرية وتطلعاتهم للتغيير، فنشاهد اليوم بعض مجتمعات دول الخليج العربي (النفطية) التي لديها ثقافة الريادة والشغف للحصول على كل ما هو جديد وحصري يصب في مجالات محددة كالتسويق والإعلام والموضة والترفيه والسياحة والمشاركة في المعارض والمؤتمرات بمختلف الميادين والقطاعات.

إننا بحاجة اليوم إلى دعم مفهوم التغيير وتعزيزه داخل المجتمعات العلمية والثقافية والاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي التي لا يزال مصدرها الأول للدخل يقتصر على إنتاج النفط، لذلك نتحدث الآن عن طرق ووسائل تدفع هذه الدول إلى تبَنّي مفهوم الابتكار من خلال الالتفات إلى التحول العالمي في الصناعات الكبرى التي تعتمد على التواصل الفعّال بين الإنسان والآلة وكيف قد أثبت اليوم أهميته في جميع القطاعات التي تعتبر المحرك الأول لاقتصاد الدول باتجاه بناء وتحسين البُنى التحتية بما فيها التعليم والخدمات والصحة والتقنية وإدارة الأعمال، ولتحقيق هذا المفهوم لابد من ربط عناصر الابتكار التي يمثلها مؤسسات الدولة بقيادات تحمل رؤى مستقبلية واستراتيجيات تتضمن أهداف وخطط واضحة المعالم كي تصنع إدارة فاعلة تدفع بعجلة التنمية وسياسة الابتكار.

عند العودة إلى كتاب كليتون كريستنسن أستاذ جامعة هارفرد في إدارة الأعمال عام 1997 ” معضلة المبتكر” نجد فيه كيف بيّن أنه حتى المؤسسات والشركات التي تعمل وفق خطط واستراتيجيات تحمل الطابع الاستمراري والتطوري قد تكون يومًا ما باتجاه طريق الإفلاس والتراجع! وذلك ما أثبت به نظرية الابتكار المزعزع “Disruptive Innovation” والتي تعمل على عكس نظرية الابتكار المحافظ أو المستقر “Sustaining Innovation” حيث تكون التقنيات التي تعتمد عليها المؤسسات والشركات في الوقت الحاضر مستقرة ومستمرة، ولنا في ستيف جوبز خير مثال حين خالف كبار الشركات في التقنية والأجهزة المحمولة في طريقة التفكير، ورأى أن زعزعة المنتجات حينها الحل الأمثل من خلال تغيير تركيبة السوق والمنتجات بالإضافة إلى التغيير في طبيعة جني الأرباح مع علمه أن عاملي الوقت الطويل و الجودة الأقل قد يكلفانه الكثير ولكن في ذات الوقت جعل أنظار منافسيه وكبار الشركات بعيدة عن ما يقوم به لدرجة الإهمال، ومع مرور الوقت و تحسين كفاءة التقنيات التي عمل على تطويرها عاد فيما بعد مزعزعًا منافسيه وظفر بصدارة السوق وعالم التقنية.

شهدنا مؤخرًا طرح بعض دول الخليج العربي رؤاها المستقبلية ومحاورها القائمة على تحول وطني يحقق توازنًا ماليًا وازدهار في الاقتصاد بين عامي 2021 و2035.

السؤال، ألسنا اليوم بحاجة لاجتذاب اهتمام ممارسي العلم والاقتصاد إلى المشاكل والمعوقات المفاجئة التي تحصل في بعض النظريات والممارسات الغير مدروسة؟ هل في السنوات القادمة ستعيش مجتمعاتنا ودول الخليج العربي تحولًا ثوريًا يمثله الابتكار في العلوم والخبرات الاقتصادية والصناعية على طريقة تحول النموذج الفكري (Paradigm Shift) لتوماس كون؟ أم أننا بانتظار نضوب مصدر الدخل الأول (النفط) لنعيش حالة من الكسل الإنتاجي والتراخي في الابتكار الذي سيودي بنا إلى أرض مواجهة معدلات متزايدة من البطالة والتي لا محالة من خلالها سينتقل إلينا المرض الهولندي (Dutch Disease)؟

الابتكار ضروري جدًّا ليس فقط لتطوّر الدول والأمم، إنما هو السبيل لبقائها وحياتها بازدهار وتقدم.

سيد هاشم سيد عبدالمجيد رجب

برنامج الدكتوراه في إدارة الابتكار

كلية الدراسات العليا

جامعة الخليج العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى