عندما نكون على استعداد لقبول المسؤولية ومن ثم اتخاذ القرار المناسب الذي يخدم الناس فإننا ندخل ضمن قائمة الأشخاص الواثقين بأنفسهم وقدراتهم، وهذه إحدى صفات الشخصيات القيادية التي تتمتع بذكاء عاطفي ومهارات توكيدية عالية. اليوم، الأكثر شيوعًا هو الخوف من المبادرة، لدرجة أن عبارة «أخاف» أصبحت جزءاً لا يتجزأ من كلامنا، وأصبحت توقعاتنا في المستقبل لا تخرج عن هذا الإطار، ومع الوقت تعلمنا عادة سلوكية وفكرية تعزز عدم الإقدام وتحمل المسؤولية خوفاً من الفشل والنقد وكلام الناس السلبي، وخوفاً بالعامية من أن «نبلَش» أي نخاف من أن نتورط أو نورط أنفسنا أمام الآخرين.
لذلك نهرب إلى منطقة الأمان وهي تجنب أي مبادرة وإقدام، ونفضل أن نمشي بجوار الحائط من باب من خاف أو ذل سلم. اليوم، أصحاب الأيدي المرتعشة في الغالب يتعاملون مع الصلاحيات والقرارات والمسؤوليات من منطلق الخوف والقلق وتوقع الخطر والفشل، ويعيشون حالة من صناعة الحواجز والأفكار الوهمية، وحالة من الصراع ما بين التمسك بالكرسي أو المنصب والخوف من أي تبعات لأي مبادرة أو اتخاذ قرار والتفكير خارج الصندوق، ويجدون في تضخيم كلمة نظام ملاذاً يحميهم من أي مساءلة أو نقد، لدرجة أنهم يحولون تلك الأنظمة إلى حالة من جمود غير قابل للتطوير والتعديل والتكيف مع المتغيرات.
وفي هذه الحالة يصبح التعلق بهذا الجمود نوعاً من تجميد تلك الأنظمة للحصول على ملاذ آمن يختبئون خلفه ويشعرون بالأمان. اليوم، قاعدة أو معتقد «نخاف نبلَش» جعلتنا كمجتمع «نبلش» في مثل هؤلاء الأشخاص، ويمكن أن نوصفهم بالمثل «فلان لا ينساق ولا ينقاد»، ومما زاد الطين بلة أن مثل هؤلاء الأشخاص وجدوا في العمل عن بعد والمنصات الإلكترونية ملاذاً آخر للاختفاء خلفها، وبدل من أن «نبلش مرة بلشنا مرتين» لأننا قد نُفاجأ بوجود فجوة سلوكية ومعرفية واجتماعية بين المستفيد ومقدم الخدمة، بطلها الخوف ونقص مهارات التواصل المباشرة وضعف مهارات التواصل الشخصية والمهنية.
اليوم، أحد أمراض الإدارة المزمنة الذي تسبب في عرقلة كل شيء هو ظاهرة «الأيدي المرتعشة وغير المبادرة»، التي ترتعب من أي مبادرة أو تطوير وتغيير خوفاً من المساءلة، واعتقاداً بأن البعد قدر الإمكان عن أي قرار أو مبادرة يعني عدم الخطأ، ومن ثم عدم المحاسبة والمساءلة، وأيضاً ضعف محتوى بعض القرارات، ما يضعف تبريرها والدفاع عنها، ويزيد الشخصيات الضعيفة ضعفاً، لعدم عقلانيتها ومنطقيتها وواقعيتها من جهة، ومن جهة أخرى فشل تسويق من يقدمها، وخوفه من أن «يبلش» مع الناس.