ماذا صنعت الآلة الإعلامية الجبارة وخلقت صورة ذهنية قاتمة عندما نذكر اسم “روسيا” فيدور في مخيلتنا مباشرة انعدام الأمن والجريمة المنظمة وانتشار المافيا سيارات لادا والانتشار السائد حول الصورة عن الدولة في أيام الشيوعية ، روسيا لعبت على وتر القوة الناعمة لتغيير صورتها للعالم ولتبين للجميع أن الواقع يختلف عن ما رسمناها في أذهاننا عنها .
فمنذ إسناد تنظيم ملف مونديال 2018 إلى روسيا استطاعت أن تحول المناسبة العالمية إلى فرصة للخروج من عزلتها الدولية وتنمية بنيتها التحتية ، وكذلك سبق لروسيا قبل خمس سنوات نجحت في استضافة الألعاب الأولمبية الشتوية في مدينة سوتشي في العام 2014 ، واستضافة الأحداث الرياضية الكبرى وتغطية الجمهور الحاضر لروسيا ونقل تجاربهم الإيجابية عن البلد للعالم والذي يساعدها إننا نعيش في عالم ثورة وسائل التواصل الاجتماعي بنقل الصورة والمعلومة من شرق إلى غرب العالم ومن شمالها إلى جنوبها بثواني ، تذهب لتتلاشى الصورة السلبية الذي دأب الإعلام الغربي لتصديرها عن روسيا خلال العقود الماضية.
وسنحت لي الفرصة خلال الأيام الماضية لزيارة هذا البلد واكتشاف غموضه ، فالكويتي يحتاج إلى فيزا مسبقة الدخول ، وعند النزول إلى مطار العاصمة الروسية موسكو المطار الحديث ، وبعدها الخروج والانتقال للسكن الذي أخذ ساعة من الزمان والتأمل في الشوارع النظيفة الواسعة الكبيرة المرتبة الجميلة ، مدينة موسكو تجدها مزيج من الحداثة والتاريخ والعراقة والأناقة ، مدينة تلقب بالأحلام والجمال ، في المساء تتلألأ مع الإضاءة الساحرة ، قلب موسكو النابض الميدان الأحمر الساحة العامة الاكثر شهرة ومحاط بمواقع تاريخية من الكرملين وكاتدرائية القديس باسيل وضريح لينين بالإضافة لمواقع سياحية شهيرة عدة .
مدينة آمنة جدا السواح من كل حدب وصوب وتجد فيها كثرة السواح من الخليج ، لاترى المشردين في الشوارع أو المتسولين إلا ما ندر ، الأسواق الحديثة بأحدث الماركات العالمية ، الحدائق العامة التي تفتح النفس ، المطاعم المتنوعة العالمية والأكل المتنوع مالذ وطاب والكافيهات المتعددة ، وعروضها ومتاحفها ومسرحياتها التي تأخذك إلى جو آخر من المتعة والترفيه ، موسكو عدة مدن في مدينة واحدة ، ترضي جميع الأذواق ، موسكو كأنك سافرت إلى جمهوريات الاتحاد السوفيتي وتجدها في مكان واحد ، من أجناس وأشكال وأديان وتنوع الطعام ، موسكو الذي فيها أكثر من مليوني مسلم وتشاهد الحجاب وغير مستنكر ، ومسجد موسكو الجامع هو المسجد الرئيسي في العاصمة صليت صلاة عيد الأضحى فالمسلمون من مشارق الأرض ومغاربها على مد البصر ( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ) ، موسكو زيارة واحدة لا تكفيها ، بعدها الانتقال إلى عاصمة القياصرة مدينة سانت بطرسبرغ عبر القطار برحلة ممتعة استغرقت حوالي 4 ساعات بالقطار والوصول إلى مدينة فينيسيا روسيا لتميزها بالفنوات المائية الشبيهة بالبندقية ، ازدحام السواح من مختلف الأقطار ، مدينة جميلة بمبانيها وألوانها وعمارتها ، مدينة المتاحف والقوارب التي أعطت جمال آخر للمدينة ، فيها أحد أكبر المتاحف في العالم متحف الهيرميتاج “درة متاحف روسيا ” الذي يضم حوالي 3 ملايين قطعة فنية ، مدينة بجسورها التي تفتح وتغلق لعبور السفن ، بلد فيه الكثير من الأنشطة المتنوعة والفعاليات المختلفة ، روسيا كما رأيت من الجانب السياحي ، الواقع مختلف تماما عن ما سمعناه عن روسيا ،عندما تكسر حاجز الخوف وتجرب وتسافر لتشاهد هذا العالم الكبير المتنوع بألوانه وبلدانه .
عبدالعزيز الدويسان