تُعدّ الأمثال الشعبية حصادُ التجربة الحية في حياة الشعوب، تعكس الثقافة الفكرية لحقبة زمنية معينة ، وهي مؤشر لفهم بعض المواقف التي تمضي مع ركب البشر في اختلاف أزمنتهم .
مع الخيل ياشقرا .. أو مع القوم ياشقرا .. مثل دارج بين ثنايا أحداث الحياة ولكن مع الأسف الشديد يُضرب في أحلك المواقف انتزاعا للجمال الإنساني الذي عدّه الله تعالى آية عظيمة ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ) .
إن من أسوأ درجات الخلق المذموم الذوبان بمهنية عجيبة في أفكار الآخرين والتسلق فوق جدران مقتنياتهم لتقليدهم تقليدا ينعكس سلبًا على الحياة ويؤطر البعض في ( إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا ، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا) نراه يتحدث بلسان الغير ويتقلّب في حركات غيره أو ربما يأكل طعاما لايناسب عمره الزمني ، مُسقطا حقه الشرعي أن تكون له نافذة خاصة يطلّ على الناس من خلالها .
والجدير بالذكر أن أصحاب الشخصيات المؤثرة لهم صورتهم الخاصة ؛ حتى يتمكّنوا من النجاح في التأثير على الطرف الآخر المتأثر بهم فيعيشوا عالما من التفاعل المشترك.
ومن أغرب قصص الطلاق يرويها أحدهم فيقول : أصبحت زوجتي تقلدني وتوافقني في كل شيء في ضحكاتي ، وحركاتي ، وسكوني فشعرت بضرورة الانفصال عنها .
من جهة أخرى يُعدُّ التقليد الأعمى دافعا قويّا لغربلة التوافق الأسري وهدم مكنوناته القيّمة خاصة مع وجود وسائل التواصل المكشوفة على العيان ، وعرض التفاصيل المهمة في حياة الناس مما يستدعي محاكاة البعض دون اقتناع والسير بائْتِمَامهم على غرار مع الخيل ياشقرا حتى وأن كلفهم هذا الاحْتِذاء فوق مايطيقون وأن خسروا بعضهم بعضا بالرغم من وضوح الطريق الذي يمشون فيه والخسارة التي يتكبدونها نتيجة المسالك الخاطئة، قال تعالى : (قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَٰكِن لَّا تَعْلَمُونَ) ، ويظل الإمعة شخصا يُتاجر بكلمته ويبيعها للأقوى لايثبت على رأي ، يصفق مع الناس وينعق دون وبلا تثمين للكلمة.
من أجمل لحظات الحياة أن تكسر قيود الإمعة بداخلك تعبر عن رأيك حتى وأن كان مخالفا للرأي الأخر وتبتعد عن الذوبان في أفكار الآخرين، و يوما ما سيحترم الآخرين بصمتك الخاصة مثل دور الأزياء ذات البصمة العالمية .قال ابن مسعود -رضي الله عنه- : (ليوطنن المرء نفسه على أنه إن كفر من في الأرض جميعاً، لم يكفر)
ليلى الزاهر