يحبها لا ينكر ذلك ولكنه يتعمد ان يخذل حبها لنفسها وان ” يكسر ” ثقتها بأنها ذات شخصية مستقلة وذات رأي وذات جمال ظاهر فيحاول بشتى الطرق أن يدفن ذلك كله .
تتسامى على كل جروحها عندما يبدأ سينفونته التعذيبية لها تغض الطرف تسير وكأن الامر لا يعنيها ، في كل لحظة تخذلها عيناها لتتسلل دموع الضعف أمام صغارها تسارع بتدارك ذلك كله تمسحها بثيابها ، تلتقطها بكفيها ، ترسم وجها آخر ، تلطف الأجواء بابتسامة مختلقة .
تعلم أن ما تحاول إيجاده معدوم احيانا لانها كاذبة سيئة ، تركض خلف وهم السعادة التي تدعيها ليل نهار والعكس ماثل أمامها وأمام صغارها بل أمام الجميع الذين تترجم أفعالهم التعاطف الكامل معاها والرحمة الزائدة حين تقع أعينهم عليها وعلى صغارها .
هي لم تكن أبداً ذات خلفية ضعيفة ولكنها ترعرعت في كنف أبوين امداها بالحب وزرعا في داخلها القوة الرهيبة بتحقق كل شيء تريده ، وتلاشي المستحيلات بيد الأمنية الصادقة والقلب الجسور والطموح العالي ، تحمل شهادة عليا كانت نتاج جهد وتعب ودراسة متواصلة تتميز بثقافة ثرية روتها بحبها للقراءة ، وتتابع شغفها بتمسكها بقلم الكتابة المميزة لينتج عن ذلك كله امرأة ذات نسق خيالي يتمناها ويحلم بها كل رجل .
رغم رجولته المتداعية الا انه يواصل العيش معها ، يعلم بأنها هي الوحيدة التي تحملت الكثير لتبلغ معه ذلك الرقم المستحيل من العمر ، هي الباقية معه حين تركه الجميع لفظاظته وقلة ذوقه وغروره المزيف ، هي الصامدة في وجه خلقه الكريه وألفاظه البذيئة وتعجرفه المسيطر ، هي من يريد أن يراها أقل منه مكانة وصبراً وتحملاً .
لم تكن هذه شخصيته في بادئ حياتها معه ، بل شخص آخر مات حين ارتبطت به ليظهر شخص آخر لا تعرفه ولا تريد ان تكمل معه الطريق ولكنها حين تخور قواها تتذكر صغارها لتعود لواقعها معه وتزرع في قلبها الصبر وتقبض على قلبها بالرحمة والشفقة لحاله .
فهو وحيد بلا اي أصدقاء لرحيلهم عنه بسوء تعامله معهم ، وهو المنبوذ من قبل أقرباءه الذين تركوا صلة القربي منذ زمن بعيد بجفاف كلماته وغلظة تصرفاته ، هو الذي يستمتع بتركها في دوامة التفكير المتعب لها بالفراق ، وهو الذي يريد ان تعلن له عن ” انكسارها ” في كل مرة تتجدد بها الحياة كلما لملمت جراحها وتسامت على آلامها .
منيفة العازمي