تشاءم العرب من الخنافس وربطوها بالشر ونظر إليها الإنجليز على أنها ابنة الشر، حتى إن العالم البريطاني داروين صاحب أشهر النظريات والمتعصب للمنطق العلمي كان يقول، “كلما سمعت أن طفلا اصطاد خنفساء شعرت بدنو الحرب!”، وعشقها الفراعنة حد التقديس لاعتقادهم أن طريقة حياتها الصارمة تمثل نسخة لدورة الحياة الأبدية التي يسعون إليها بشتى الطرق. وفي أوروبا القديمة كان الناس يعتقدون أنها جالبة للشقاء، ويزعم الإيرلنديون أن هناك نوعا من الخنافس يستطيع قتل الشخص بمجرد النظر إليه.
وفي المعتقد الإنساني العام وبالذات لدى الشعوب التي تشتغل بزراعة الأرض، أن من الأفضل ترك الخنفساء في حال سبيلها وعدم قتلها، بل مساعدتها إذا تعرضت للخطر. وتعد من أكثر المخلوقات التي تعرضت للظلم والافتراء ونسجت حولها الخرافات والأساطير رغم أنها نافعة للإنسان في أكثر من جانب، فطريقة حياتها وطرق دفاعها عن نفسها وحماية صغارها على اختلاف أنواعها – حيث إنها من أكثر المخلوقات تنوعا وعددا، إذ يوجد منها على سطح الأرض وتحته نحو 300 ألف نوع، وبذلك تكون هذه الحشرات هي المخلوق الوحيد الذي يحظى بهذا العدد الهائل من الأنواع، خاصة إذا علمنا أن مجموع أنواع الثدييات في عالمنا لا يتجاوز 4500 نوع فحسب – تعد ملهمة للبشر.
ففي دراسة حديثة اكتشف العلماء أن تلك الحشرة القبيحة قد تكون أفضل مساعد علمي للبشر على التعرف على الكائنات التي كانت تعيش من قبل في أي موقع توجد فيه الخنافس، لقدرة أمعائها على الاحتفاظ بالتركيب الوراثي “دي إن أي” لما تتناوله. فبعد أن كانت التربة والمياه وسيلتهما للكشف عن الكائنات التي تعيش في منطقة ما بهدف دراسة التنوع البيولوجي رغم صعوبتها، لجأوا للكشف عن هوية الكائنات من دم البعوض وواجهوا صعوبة في سحب دمها، ما دفعهم للبحث في أمعاء الخنافس، حيث تتغذى على فضلات الكائنات الأخرى وتحتفظ بنسخة من سجلها الوراثي.
هذا بخلاف منح البشر إمكانات تصنيع روبوتات فائقة الحساسية تساعد البشر على الحروب والكوارث بمحاكاة قدراتها وطريقة نقلها للروث وتركيب أرجلها العضلي الذي يمكنها من حمل أوزان تفوق وزنها بمئات المرات. وكذلك طريقة دفاع بعض أنواعها عن نفسه باستخدام أسلحة كيميائية حارقة تقصف بها عدوها بطريقة تشبه عمل آلية عسكرية مزودة بأسلحة أتوماتيكية فتاكة. وخنافس الدفن التي تنشر مادة لزجة على فرائسها لها خاصية مضادة للجراثيم وتبطئ من تحلل الجثث وتكسبها رائحة تمنع هجوم الأعداء.