#مقالات | ليلى الزاهر .. تكتب: أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ .. ذاك رسول رب العالمين!

ما أن تُقلّب صفحات الأثرياء من البشر فسوف ترى طقوسهم الخاصة في ملبسهم ومأكلهم، وفي ارتيادهم لأماكن خاصة بهم، واختلاطهم بفئة معينة من الناس وأغلب الشواهد تثبت أنهم لايجلسون في المحافل إلّا بأماكن تشريفية تخلو من سمات البساطة، ويتنقلون بأحدث الوسائل المريحة، وقد يخشى البعض الاقتراب منهم لأنهم يضعون حدودا لذلك. وهذا مادرجتْ عليه الشعوب منذ أزمنة بعيدة.

وقد يصبح من المدهش أن نرى شخصا فاحش الثراء والجمال والعلم قد نزل منازل البسطاء! بل نعدّه أمرا خارقا للعادة ونسجل الإعجابات العديدة لهذا الشخص بينما يكون هذا الشخص قد أضاف إلى نفسه الكثير من المميزات التي تجعله محبوبا لدى الجميع بسلوكه هذا.

إن الكثير من الشخصيات الجاذبة تتصف بسمو الخلق وجمال المعشر.. لذلك تشقّ طريقا سريعا نحو القلوب.

ولكن لم يرصد التاريخ شخصية استهوت قلوب من حولها واصطفّت الحشود خلفها إيمانًا منهم بسيرتها الغرّاء مثل شخصية الرسول الأعظم (ص).

صوت الرسول الأعظم (ص) دوّى مفاوز العالم وأخمد جميع أصوات الباطل مثل صوت صباحٍ

حمل صورًا متلاحقة من الجمال وانتقم من الظلام، وبعْثر الأنوار والجمال في الطرقات الجاهلية.

‏وكأن صباح الرسالة المحمدية وعدٌ يثأر من هزيمة حاقتْ بالنفوس المظلمة وكان الصباحُ متنفسها.

كان الرسول الأعظم سفير الصباح المشرق على العالم، وعلى ماكان يحمل من صفات الوجاهة والجلال والجمال بشقّيه الظاهري والباطني إلا أنه كان منبع الصفاء والتّقى والورع والتواضع، لم يُميز نفسه عن أصحابه فقد كان يجالسهم، يأكل، ويعمل معهم وإذا طلب منه أصحابه صلوات الله عليه وآله أن يجلس في مكان يُعرف من خلاله أنه الرسول الأعظم كان يخجل من ذلك

ويقول أنا عبد مثلكم.

ويسير راكبا أو محمولا على دابته كعامة الناس يعرفه الصغير والكبير لأنه عاهد نفسه أن يكون الرسول المبعوث لجميع أطياف المجتمع.

أما إذا طلب منه أصحابه أن يعيش متنعمًا أسوةً بملوك زمانه كسرى وقيصر كان يقول: «لهم الدنيا ولنا الآخرة»

وإذا تحدثنا عن جميل صنعه بمن يكيدون له العداء والخصومة فحدث واكتب ما شئت من نُبل الأخلاق وسمو المقاصد. وفتح مكة هي واحدة من الظواهر التي تشرح وصف الله تعالى عندما قال في كتابه الكريم: «وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ»

لقد كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائمًا عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ..

إلى أن قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَا تُرَوْنَ أَنِّي فَاعِلٌ فِيكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ، قَالَ: اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاءُ.

كلمات تتبعها كلمات في صفاته (ص) لايمكن أن نغطّي جميعها فكل منقبة من مناقبه تُدهشنا ونكتشف من خلالها إنسانا جديدا يشكل لنا في مجموعه رسول السلام والإنسانية (ص).

ليلى الزاهر

Exit mobile version