#مقالات | نور حفيظ العجمي: “مستمع أنت! أم منصت؟”

لم أجد أجمل ولا أحكم من أقوال الصحابة رضي الله عنهم ، فقد وهِبوا من الله حُسْنَ الكلِم ، وإنني شخصيا أستمتع في مطالعة أقوال علي- رضي الله عنه – ، فقد قال :
(إن القليل من الكلام بأهله حسنٌ،و إن كثيره ممقوت ..
ما زلّ ذو صمتٍ ، وما من مُكثرٍ إلا يزلُّ ، وما يُعاب صموت ..
إن كان ينطق ناطقٌ من فضةٍ ، فالصمت درٌ زانه ياقوت ..)

اكتشفت مؤخرا أنني ما إن ذهبت إلى تجمع ما إلا وقد جذبني الشخص قليل الحديث ، وكأنه قد زُيّن بأفضل الحُلي ، و قد أُضفي عليه هالة من الوقار و التميز ، لطيف أن يكون الإنسان إجتماعيا يمازح هذا و ذاك ، تأنس بصحبته و حديثه ، ولكنني أظن أنه لم يعد عملةً نادرة فالجميع يتحدث و الكل يستطيع أن يطرح عليك أخبار الغرب و الشرق فالعالم كله أصبح مكشوف بين أيدينا ، و السبق بات متاحاً وليس حصرياً على أحد .

قرأت في مرة عن الفرق بين مفهوم الاستماع و الإنصات ، فبدأت أصنف الناس على هذا الأساس ولم أطيل في البحث لأكتشف أن القليل من الناس من كان منصتاً ، لأن الغالبية يستمع إلى حديثك متمنيا منك أن تنتهي بسرعة ، لا لكي يرد عليك أو يناقشك فيما قلت ، بل حتى يتحدث هو عن نفسه و صولاته و جولاته .

تأكد أيها الكريم و الكريمة أن الناس لا تريد منكم ذكر حسناتكم ولا ما يميزكم عنهم ، بل يريدون تعامل لطيف و أدبٌ في الحديث ، كم هو ممقوت الحديث عن النفس فهو يجعل صاحبه يصغر في عين الآخرين وما يشعر ، دع عنك التعريف عن نفسك و اترك أفعالك تتحدث ، كن بسيطا اجعل من حولك يشعرون باهتمامك لحديثهم و أنك متعاطف معهم ، كن ذا أثر عطر، فإنه سوف يبقى الحديث بعدك فانظر ، أي أُحدوثةٍ تحب ! فكنها .

كن منصت جيد لأهل بيتك ، لا تدع طفلك يتحدث إليك وأنت منشغل بهاتفك ، و لا تستمع لحديث زوجتك أو زوجك وملامحك تحكي الملل و الضجر ، قليل من الإنصات و الصمت يجعلك عملةٌ نادرة و كنز يرغب الجميع في الحصول عليه .

بدأت حديثي بقول لعلي رضي الله عنه و يسرني أن أختم بقولٍ آخر (و ما المرء إلا حيث يجعل نفسه)
فانظر أين تجعل نفسك ، نسخة مثل البقية أم شخصية فريدة !

 

نور حفيظ العجمي

Exit mobile version