#مقالات | ليلى الزاهر: “أُحبُّ طفلي بين كلماتي وبين الجدران المغلقة”

 

من أهم النشاطات التي تُثير الأطفال ، وتخلق المتعة عندهم الذهاب للسوبرماركت والركض بين ممراته لاختيار أصناف الحلوى التي يعشقونها .
إنّ المتاجرَ التجارية مكانٌ جميلٌ للمتعة وغرس الكثير من القيم والمبادئ الراقية في عالم الطفل .
تبدأ من وضع قائمةٍ لشراء الاحتياجات وتنتهي بإعادة عربة التّسوق إلى مكانها.
إن إخبار الطفل بالالتزام بالقائمة الشرائية يربي فيه شعور النظام المصرفي للمال ، وإبداع التخطيط منذ بداية حياته فلا يشتري إلا ماهو بحاجة إليه.

وحتى لانقع في اصطدام مع أطفالنا لابد من اتفاق مُبرم معهم قبل الانطلاق لرحلة التّسوّق أيّا كانت الوجهة .فالطفل يعتاد ذلك شيئا فشيئا ثم يغدو الأمر بالنسبة له من إحدى قناعاته .
ومهما واجهتنا الصعوبات في بداية الأمر فسوف نعتبرها في مضمار مشاق التربية ، ومهما شعرنا بإحراج أمام الآخرين عند اعتراض أطفالنا على قراراتنا الشرائية فلا يجب الانهزام أمامها .
فلن يلتفت الجميع حولك ليعطيك تقييما في تربية أبنائك ، ولن تقتات على أقوال الآخرين في علم التّربية، ولن تُسقط إحدى نظريات التربية المهمة بالرضوخ لرغبة غير مهمة من طفلك .
لذلك ‏⁧يقول جان جاك روسو:
‏قبل أن أتزوج كان لدي ست نظريات في تربية الأطفال ، أما الآن فعندي ستة أطفالٍ ليس عندي نظرياتهم.
‏⁧‫
‏إنّنا بأمس الحاجة للعودة للحقائق والاستغناء عن المبالغة والادعاء المُزيّف ؛ لأن جوهر الحياة المعاملة الموحّدة في جميع
المواقف .
لذلك أُحبك طفلي ، ويظهر هذا الحب بين كلماتي وفي الحديقة ، وفي المتجر ، وبين جدراني المُغلقة علينا .

‏إنّ التربية حملٌ شاقّ ، والوقوف أمام طفل واحد يُلغي جميع النظريات الورقيّة .
فالطفل عالم جديد يحتاجُ إلى الحمايةَ لأنه لم يُدرك ماحوله بعد ، وهو يخشى البوح بجميع آلامه ، إنّه يطلب لغة يعجز عنها اللسان في عملية التواصل الإيجابي معه وربما طلب لمسة حانية على كتفيه ، أو تمريرا لطيفا لأصابعنا بين خصلات شعره ؛ حتى يُفرغ جميع مشاعره الغضّة بحريّة تامة .

وكما يقول محمود درويش: وما الحُبّ إلا كفاحٌ ووِداد وما الحبّ إلا ألف مُشكلة وثبات .
فهنيئا لمن يطبق نظريات التربية واقعًا واعتقادا لا فكرا زائفًا يُخفي خلفه الكثير من المتناقضات.

‏ليلى الزاهر

Exit mobile version