#مقالات | ليلى الزاهر: “الذكاء العاطفي.. حاسّة جماليّة عالية”

عندما رأيته كان حواره مع طفلته مشادّة كلامية وكأنه نسى فارق العمر الزمني بينهما ، لاحظت لهجته الخطابيّة الممتلئة بالصراخ والعويل مع طفلٍ لم يتجاوز الثامنة من عمره .

هو رجلٌ فاضلٌ كما ينعته من حوله ويمتلك خِصال كريمة ، لكنه يفتقد اللباقة والحلم في التعامل مع طفلته .

في الوقت ذاته عاينتُ مشهدا جميلا لأحدهم من عادته الكلاميّة الجميلة أن يُعطي جميع مشاعره وتوجهاته للمتحدّث معه ، يسمعه بعمق ، فيجعله منسجما في حوار يبدع فيه ، يحفزه للمزيد من الآراء ، يُطيل النظر إليه مُشجّعا له ، يمتلك قدرة فائقة على قراءة نبرة الصوت .

أدهشني ذلك الإنسان يمتلئ بحياة دينامكية رائعة ، تظهر جليّة على قسمات وجهه . فهو لايُطيل الحديث سوى التعقيب بهدوء يسرُّ المُتَحدّثُ معه ؛ لأنه أدرك بذكائه حاجة مُحدِّثه للإفصاح عمّا يدور بخلده ، يمتلك شحنات هائلة من الذكاء العاطفي.

بينما يعيش البعض فقرًا شديدًا لاقتناء قبسا من الذكاء العاطفي ليُضيء به ممرات حياته الاجتماعية .

الذكاء العاطفي أنشودة جميلة في بحر ساحر، يمتلئ بأناقة الكلمة، له مدلوله الخاص عند علماء التنمية البشرية الذين يعتبرونه مفتاحا للنجاح وللوصول للمناصب القيادية لأن مقدرته تفوق مقدرة الذكاء الإدراكي العقلي .

الذكاء العاطفي هو:
قدرتك على فهم نفسك وإدارة تصرفك في شتّى المواقف الحياتية .

قال تعالى : (وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها . فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها )
به تُنشئ مدرسة خاصة بك توجّه انفعالاتك وتُوظّف عواطفك في الحياة الأسرية والعملية بشكل يضمن لك النجاح .

يمشي الذكاء العاطفي مع صاحبه في خطٍّ يخلو من عِراك المشاعر ، وتصادم الآراء مع الاحتفاظ بأصالة المبدأ والثبات على حب الضروريات في الحياة كحب العمل والأصدقاء والأسرة والوالدين مع مواكبة التّغيير المستمر في أي زمان ومكان .

والذكاء العاطفي مؤشر جيد لصحة نفسية عالية تساعدك على الإنجاز الأكاديمي والقدرة على الابتكار والتوافق الأسريّ، لذلك يُعرّف العلماء الذكاء العاطفي بأنه (القدرة على فرز العواطف الذاتية وحسن استعمالها) .

ويقفز الذكاء العاطفي بصاحبه من زاويته إلى زوايا الناس بقياس منضبط وفهم جيد لمشاعرهم ، لذلك فهو ينحصر في:
فهم الإنسان لمشاعره ومتطلباته النفسية أولا وفهم الآخر ثانيا.

فإذا كنت تجهل معالم الطرق لإسعاد نفسك فأنت تنقصك بعض الجرعات منه .

إما إذا امتلكت القدرة على تحويل التفكير السلبي عند أحد أبنائك إلى فرقة موسيقية إنشادية تستطيع من خلالها إخراجه من جدران الألم إلى فضاء السعادة.

فأنت بحسب جميع المقاييس شخص تنتمي لمدرسة تنشر مبادئ الذكاء العاطفي.

ينمو الذكاء العاطفي في الطور الأول لنشأة الإنسان وفي السنوات الأولى من طفولته فما أجمل إدراجه كمنهج دراسي أو تطبيقه كبرنامج من البرامج المهاراتية المهمة مع تمثيل النّمذجة المناسبة له؛ لتسهيل تطبيقه في الواقع وذلك لإكساب الطفل تلك المهارة الضرورية منذ بداية رحلته العقلية في الحياة وحتى يدرك نقاط القوة في شخصيته ويتمكن من التعامل والتواصل مع الآخرين بشكل سليم ثم يقوده ذلك لتحقيق التوازن بين حياته الخاصة والحياة الاجتماعية.

 

ليلى الزاهر

Exit mobile version